أتذكر جيدا هذا اليوم
كنت فى الحادية عشر
كنت لا أزال طفلة لم أبلغ بعد
مرضت أمى وأمرتنى بأخذ التوأم والخروج للكسب
اعتدت ذلك كل يوم فكنت ماهرة به
أصبح من عاداتى اليومية .. ليس صعبا ولا غريبا .. ولا يسعنى الاعتراض عليه ما دمت أستطيع شراء الحلوى التى أراها بأيدى أقران سنى مما لا يمنحنيها أبى ولا تستطيع أمى أن تلبيه لى
أتنقل بين الرصيف تارة , وتحت الكوبرى , وأعلاه تارة أخرى
أضع يدى فى جيب هذا وأنهب مال ذاك
أطلب من هذا بدعوى مرضى , ومن الآخر بدعوى ضيق حال الطفلين والرفق بنا
أبهرتنى تلك الحقيبة الفضية اللامعة الضخمة فى يد السيدة صاحبة القبعة المنقوشة بالورود وألوان الحياة
لم تُسقط عيناى زاويتها ولا نقطة التقائها
كأن مجال رؤيتى وقف على حجم الحقيبة ولم يفتح مجالا ليرى من يضع ذراعه بيد السيدة
تركت اخوتى وأمرتهم أن يبنتظروا وعدوت خلف السيدة
وسط الزحام وقبل أن اضيعها _ الحقيبة _ كانت بيدى والصراخ فى المكان والكل من خلفى يهرولون
لم أستطع الجرى منهم رغم تعودى الجرى من كل شىء , لم أستطع منعهم منى
لاحقنى بطلها , فجذب شعرى ولفه لفة قوية بيديه ودعا الجميع يشهدون سرقتى أمام الشرطة
فبكيت وتأوهت وصرخت
أمى مريضة ولا عائل لها .. وإخوتى وحدهم لا راعى لهم سواى
اتركونى ... أغيثونى .. آه يا أمى ماذا ستفعلين وحدك
كذبت الحديث وأطلت البكاء
ودمعت دموع التماسيح بغزارة
حتى رقت قلوب البعض وقالوا اتركها تذهب وقد عادت إليك حقيبتك
لكنه رفض فى غلظة وشدة وقال مثل هؤلاء ليس لهم مأوى سوى الكذب
ليس لهم مفر سوى الخداع
وليس لهم قوت سوى السرقة
وإن لم تُقطع أيديهم فسيستمرون ولا مانع لهم سوى لطفكم بدموعهم ورقة قلوبكم لهم
لولا يديها الرحيمة لمست كفه القابضة على شعرى وقالت هوّن عليك
دعها وشأنها , فإنى أرى أخويها يبكون عليها وينتحبون ويرددون أختاه , لا تضربوها
حينها رد بقسوة صوته وحشرجة حنجرته .. سأصرف يدى عنكِ هذه المرة ولكن احذرى فإن وجدتكِ هنا ثانية فلا مفر من الشرطة . وسيأوى أهلك معك ؛ سواء صغيرهم بالإصلاحية أو كبيرهم بالسجن
وما أن فك قبضته عن شعرى المتهالك المجرد من النعومة أو النظافة الملىء بالقمل والتراب , الباعث برائحة الجاز الذى وضعته بعد استحمامى منذ عشرة أيام
أخذت اخوتى وتوجهت للدار فى الخرابة أمام مقلب الزبالة الخاص بالحى
وحكيت لأمى وأنا أبكى
ويسمعنى أبى الذى غضب عندما عدت له باكرة رغم فرحه أول ما لاقانى عندما ظن أنى حصلت على غنيمة كبيرة أو كما يقول دائما لى عرق الجبين وشغلك اللى يحب الخفية والجرى عليه
وعندما وصلت بكلامى لتهديد الرجل المحترم القوى , خاف وزمجر واندثر , وقال أنتى علينا بعد ذلك خطر
فلا عودٌ لكِ لهذا العمل ثانية
ستبقين بالبيت وستقوم أمك بكل العمل خارجا مع اخوتك
تنفست الصعداء وكأنى انتُشلت من بئر غويط كدت أغرق فيه أو من بحر رمال يسحبنى ليغمرنى بالموت.

دعنى أتكلم معك بحرية
فاليوم يمر علىّ بالعلقم .. بأنفاسِ من يحمل أعباءَ أجسادٍ متآكلة مريضة
ولدت فى سماء غبراء سوداء
فلم أر سوى سمائى ؛
هواءَ غرفةٍ خرجت إليها
ذلك الهواء المدسوس بل المتكالب المستَعْمَر بدخان أسود كالقار يجلى صدرى
ورئتى فلتسألنى عنها وليجيبك أطباء الصدر عن عدد الأيام التى أسهر الليل معهم لا يأتينى النوم من الألم والكحة
ولُزُوجة ممخضةً بالدم لا تتركنى
منذ صغرى يا سيدى .. بل منذ ولدت
وكأن أمى كانت تحمل برحمها أطنانا من الدخان , من التبغ , من الحشيش وسهرات البانجو
أكبر كل يوم على نفس المشهد
أمٌ لا تقوى على شىء لضيق صدرها
وأبٌ متكاسل لا يملك سوى
بإحدى يديه العلقم وبالأخرى سوط مسموم بدمانا ملطخ
علقمه فى أنفاس ما كان يتعاطى ويشرب
والعلقم فى أنفاسى مما أقاسى وأتألم
ويضيق الحال بنا , وأنا صغيرةُ الدارِ الأصغرِ من علبة كبريتٍ تحوى من الأطفال سبعاً
وتعولنا أمى ولا تسأل ما بال الرجولة والمسؤولية والنخوة
فلم يجلس ببيتنا ليل نهار سوى الدخان والسم والعلقم
وبالخارج تطيح بى الدنيا وبأمى وتُهلِك اخوتى
صغارا كنا لا نفقه شيئا
كنت لا أفهم سوى ضرب أمى لى فى الشارع بين الناس والمارة
صريخها فى وجهى ودفعها جسدى لأجرى بما أحمل فأبيعه للناس ومنهم أكسب
لذلك كنت أكرهها ولم أدرك يوما سر الضرب وسر الصرخة
ورأيت الناس يكبرون يوما بيوم
وأنا وحدى فى عيونهم أصغر
فما كنت أقف عند البيع فقط والمكسب
بل كنت من خلفهم وبدون أن يعوا لى أمد يدى ومنهم أكسب
ومن أمامهم أمد يدى بسؤال والحاح ليعطونى قرشا وأذهب
دفعنى الكثيرون عنهم وذمنى آخرون ومنهم من مد يده فضربنى ومنهم من شد الثوب عنى ليأخذ منى مقابلا لما أفعل
توعدت لهم وصرخت منهم وزادت صرختى بعد إذ أنجبت أمى التوأم
وليتنى ما كنت صغيرتهم ولا داريت نفسى من أمى ويديها تحت عباءة أبى وسلطانه وعقله البعيد عن الدنيا يديره شيطان أخرس , يدفعنى لأسرق , وأنهب , وأترك جسدى فى أيدى الهالكين ؛ فقط ... من أجل المكسب .

صباحى واحد
صباح عليل
ملىء بالدخان
ملىء بالصخب
ملىء بالسب والقذف والإهانات
كما أنا أعيش ليل نهار مغمورةً فى نفس المكان
أحاول أن أبحث عن ملاذ
فأخرج من نفسى لنفسى
ومن بينهم لبينى
ومن معهم إلى غرفتى
أدير موسيقى صمتى .. ليل نهار
أعبر طرقا وأخاطر بالحواجز
أكسر كل اشارات المرور
وأجول وأصول
أقف وسط الطريق , فى محور الطريق
أصرخ من الآه والألم
ولا أحد يسمع أنينى .. سوى نفسى
أكتب على الحائط
فكتاباتى لا ترى منها كلمة
فما هى إلا شخبطة , خطوطٌ بقوة يدى أنحتها
أقطع أوراقى , مِلْـكـيّـتى
فما من شىء يمكننى أن أمد يدى الهائجة لتبطش به ثورتها
وإن فعلت , فسيكون حقه البطش بى
أقلب أنفاسى و ثوراتى وجولاتى
بين ماض وحاضر ومستقبل لا يميزه شىء سوى حلقات متكررة
ربما
أو حلقات متغيرة لنفس المحتوى
الحزن , الألم , الفقد , التعزية , ....... الخ
أو حوارات بلا جدوى
نقاشات بلا معنى سوى أنها تفضى ثورتى
فأقف أمام القضاء تارة يأخذ حقى
وأقف بمجلس لا فيه أحد سواى تارة أخرى أُسمعهم دفتر أحوالى اليومى
حتى أنّ من بالمجلس جميعهم نفروا منّى
فنفس الأحداث تتوالى تباعا لأيام تكاد تكون هى نفسها يومى من عشرة أعوام
دخان فى دخان
يسكن المكان
يحيط بى
يركمنى
يحولنى إلى رماد يخبىء ثورة , يخبىء طوفان
لا أدرى متى سينذر بالتدمير
أجبنى ... من أنا !!!؟
أخرجنى من وحدتى وأنا بين الناس
أبعدنى عن ثورتى فهى تحرقنى قبل كل الناس
أعدنى للدنيا الوردية , لحياة الحب والتفاهم والصفاء
أعدنى لأسمع أنغام العصافير لا لأجرى من صفيرها كأنه صفارات انذار تجعلنى أختبىء تحت تضاريس نفسى
لا أرى سوى ناس متراكمة بعضهم فوق بعض
يتذمرون يئنون ينتحبون .. ثم ينامون فى جسد واحد
بداخلى أنا


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم إنى أسألك هذا العمل لوجهك الكريم

اللهم أعنى يا كريم

بداية فبعد مرورى ببعض المواضيع التى أعادت نيتى فى فتح باب خاص يشتغل بأمور النفس وهمومها

وقد نويت أن أدعوه ( تحاليلى يا دكتور ) وها أنا أضمه فى وضع مدونة سريعة وخفيفة وربما ثقيلة أحيانا

دائما نعيش لحظات الطفولة ونحن نبلغ من العمر الكثير

لا نرى بعقولنا ولا نحاول أن نأخذ أمور سننا

بل نهرب من الواقع فى خيال الأطفال الذى نحب

بعد مرورى بأكثر من حالة مع نفسى ومع غيرى وحال العالم من حولى

سأكتب هنا باسم الجميع بعض ما نتعرض له بشكل حكايات أو حوارات أو أراء

بأى شكل

فلا فارق إلا أن يصل ما نرغب به أن يصل لعقولنا جميعا

أن نشارك جميعنا فى أمور سننا ... أمور نديرها بعقولنا

فتحية لكم مقدما

ثم سأبدأ

ربما اهتمامى بمدونتى هنا لن تكون على ما يرام إلا بعد أن أنتهى من امتحاناتى

ولكنى سأكتب تباعا بإذن الله

إن كان البحر حياتنا التى اخترنا الإبحارَ فيه, وسكونه فى ليلة شتاء صدرك تدفئنى فيه, وموجاته العاتيات هموما تدافعت تغرقنا فيه.. فإنى أثق بك لأجدنى دوما بأحضانك تبحر بى لشطه الأمين.. أما قلت لى ياقدرى يوما أنك تستطيع السباحة والغوص فيه !!

شِـــق الـقــــمر


تنظر إلى الضوء من بعيد وتسمو بنفسك لتكون مصدر الضوء
ترقى لتنشر شعاعك فينير منهاجا فى ظلمة الليل
تلفت بعينيك فلا تجد إلا قوسا من القمر يبث ضياءه إليك
تعجب تندهش.....!!!!
ما باله لا يكتمل ليصبح ذاك البدر وضاحا ينثر من إشعاعه فيضىء طريقك والكون
وتتساءل وتنكر على الشمس قدرة انعكاس ضوئها لتمنح القمر دائرة الضوء
فيلحق الشق بك ليخبرك إذا ما توازعت نسمات ضوئى على سطح كرتى لتاه إشعاعى فى عتمة الضوء
فلا تنظر لسعةٍ دون وضوح ولكن اتبع ضوئى فستنظر الكون جلىّ
ذاك أنا لست البدر ولكنّى أحمل من التركيز ما يكفينى لينسبنى لصاحب الجمال ورومانسية الشعراء
ينسبنى لعالم السنان بين الكبار
ادعونى كما تدعونى
ولكن لا تنسوا
فضوئى نبراس
ذاك أنا أحمل طوق الضياء
وذاك مسماى
فأنا
شق القمر

متلـصـصــون

إننى على موعد مع الربيع


تنعزل عن العالم كله..تخشى العالم كله..ترغب فى ركن ولا تجده..تثور عليك معدتك..تشعر بألم بها يزيدك اضطرابا..يعلن هيجانه..يعلن صيحته..يغضبك..ينال منك

لا جديد فى بيتك..لا تغيير فيمن حولك..تريد أن تتغير..تريد أن تتقدم .. والكل واقف حولك

لتعود إلى حيث هم..وتقف وحدك..تبكى ولا تدرى هم أم أنت!!؟؟

قلبك الحنون , المجنون , الثائر , الملىء بالصخب والمجون يدور فى دائرة المجهول

ترى هل أحد يدرى ما به من صنوف... وما يدور حوله من دروب ..!!؟

تعاند , تثور , تلين , تغضب , تهجو , تمدح , تنتقد , تتكلم , تصمت ولا تتحدث , وفى النهاية

تتوحّـــد

إلى الشاطىء المقابل

نضحك.. وهل للضحك وظيفة إلا الإخفاء... .. فيا صانعا بسمتى (قلبى) حان لك أن تغلق الأدراج.. أن تسدل ستائر غرفة الماضى السوداء.. أن تخرج من غابات ليلك.. من صرخات مخاوفك.. أن تصم آذانك عن دوىّ موسيقاك المزعجة, قعقعات الأبواق, صرير صانعى السيمفونيات, دبيب أقدامهم, وعويل المطارق..



حان لك أن تبعث شمس الحاضر الدافئة من خلف الغيميات.. عد إلى مرسمك, أطلق لإبداعك العنان, وانثر الأخضر والأحمر وأطياف الروح.. بعثرها فى كل مكان, وانشر رياحين الجنان الغناء, وتنسم عبير مستقبلك النقى قادما إليك من نوافذ سماواتك الشفافة بطهرة المحيطات الزرقاء.. حرك برياحك سحبا فى كل مكان وامطر الأرض كسفا تسقى الميتة حبا وخيرا وجمال..




أحبــك


ءأمتعك التلصص!!؟