الإجابة الثانية: من تكون...... أنطلق منها ذلك السؤال وحينها تلاشي كياني وصمت كل ما حولي وقلبي النابض بداخلي.
أتمني لو كانت إجابتي: أنا العاشق المجنون أنا قيس في زمن بلا ليلي أنا الغزل حين تختفي الكلمات ولكن كلماتي هي من اختفت و أختفي معها عقلي وكل ما يعقل لذا
الإجابة الثانية: أنا المجنون أصرخ بالناس كي يعقلون أصرخ فيضحكون فمن منا المجنون أنا المجنون أضحك بلا أسباب وأبكي بلا أسباب فما حاجتي للأسباب ولقد ذهب عقلي ضحية للأسباب. أهرب من الواقع وأذهب بعقلي إلي اللامكان حيث لم تطأ أرضه قدم إنسان ويظن الناس أن النعيم هناك باللامكان ولكنهم لا يعلمون أن عقلي الفقيد ترك هناك ما هو أسوء من الإنسان ترك أسوء مخاوفي ومن أدري بها غيره ولقد ذهب ضحية لها وهي الأسباب وهي سؤال مازال يتردد بداخلي يجول بداخلي باللامكان يطاردني كل يوم من أكون ......؟؟

فالبدايه في شكر واجب لازم اشكر شق القمر او رنا علي ثقتها فيا وانها ادتيني شرف اني اعمل بوست عندها في تحاليلي يا دكتوره بجد بجد بجد شكرااااااا وده شرف كبير ليا ثانيا اعتذر عن تأخيري فاني اكتب اي حاجه بس والله انا حاولت كتير اني اكتب وكنت بفشل واعتذرت لشق القمر وطلبت انها تعفيني بس هي استحملتني وشجعتني اني اكتب فيارب يعجبكم الي كاتبه

بداخل غرفتي المظلمه وامام النور المنبعث من شاشة الكمبيوتر أجلس وبين اصابعي لفافة تبغ انتهي عمرها حتي اشتعلت اناملي وامامي صديقي الدائم فنجان من القهوه ذاب بداخله الكثير من الذكريات...... أجلس اتابع التحركات الكثيره التي تحدث علي شاشتي وأري كلمات منبعثه من نافذه للشات مع الكثير من الضحكات أري أناس يذهبون وأخرون يأتون وبين كل هذا أجد امامي قلمي واوراقي وإذا بي اترك العالم واذهب اليهم وكلما حاولت ان اكتب شيئا لا يطرق علي بالي سوي سؤال واحد ذلك السؤال حيث بدأ كل شئ ....... من أكون!!؟؟
أخذت الكثير من الوقت محاولا أن اتذكر من انا وكلما طرق عقلي اجابه علي سؤالي أجد انني لست ذلك الشخص
انا انسان بلا نقاش انا انسان لست مخلوقا اخر وإلا لعرفت ذلك ولكن تلك ليست الاجابه علي سؤالي لذا قررت أن اكتب من البدايه أو علي الاقل من بداية كل ما اتذكره
البدايه:الأجابه الاولي: سمعت يوما ان الانسان هو ذكرياته هو كل تلك الحظات التي يمر بها لحظات الفرح والحزن الخوف والاثاره تلك هي مكونات هوية الانسان فليست الهويه اسم وعنوان وتاريخ ميلاد ولذا لن تكون أجابتي هي اسمي وعنواني وتاريخ ميلادي بل ستكون الاجابة كالتالي :اليوم انا دفئ الصيف بين امطار الشتاء انا عشق اليل في وضح النهار انا ابتسامة طفل انا الفرح امر بين الناس كمر نسمات الربيع أري ما حولي جميلا وارسم ابتسامات بالعيون ارقص علي انغام البكاء لا اري سببا للبكاء غير ان الفرح جاء كالريح حتي بكت العيون اري الدموع ينابيع مياه انفجرت لتروي عطش الصحراء وعلي حالي ذهبت اليها سألا عن حبها عن قلب يرقص متناغما مع قلبي وحين رائيتها نبض قلبي وامتلأ عقلي بفكرة ان الجنة هي الحياه وبين الرقص والانغام انطلق منها ذلك السؤال .... من تكون ؟!؟

بعد الإنتهاء من إجراءات تحويل المال والأملاك طبقا للوصية وليس طبقا للوراثه, توجهت أنا ( صاحبة العز والجاه ولست صاحبة النسب , حتى جمالى خَفُتْ وأخفَت ملامحه مساحيق الوجه التى وضعتها) وأستاذى إلى الذكريات القديمة, ذكريات الماضى الأليم.
توقفنا أمام الخرابة, ترى من أين نبدأ
هل أذهب أولا للجحيم ثم إلى المحبوبة فأطمئن عليها
أم أذهب إليها أولا ثم أنهى اليوم بلقاء الجحيم
لم نطل كثيرا ولم نحتار طويلا , فمجرد أن وجدت أكوام الدخان تخرج من دارنا سرت مباشرة للمدرسة
وتمهلت خطوات أستاذى على أبوابها فى حين دخلت أسأل عن مدرّستى
فعلمت أنها سافرت منذ أيام مع والديها خارج البلاد
لا أكذّبك القول, فأنا أحسست بسعادة فى نفسى كأنها تقول هكذا أصبح حبه لكى محتملا
وبحجم السعادة كان حجم الأسى الذى عانق حزن أستاذى وأنا أخبره ببعدها
لكنه ذهب لعالم آخر برهةً ثم قال
الحمد لله .
هذا أفضل لها .
ذهبنا لدارنا فما دخلناه
هل أدخل للذئب فى حجره, هل أدخل فى وكر الثعالب
كم هى مؤلمة ذكرى طفلة الحادي عشر والخامسة عشر ربيعا
سرت أنا وأستاذى حتى وصلنا للكوبرى الذى تقف عنده أمى
فرأيت إخوتى وقد كبرا
ورأيت أمى وقد شابتها الدنيا والأزمات
سبقنى إليها أستاذى فرأت بعينيه دموعا لم تحتمل أن تراها
فضمته إلى حضنها تسأله ماذا بك يا ولدى ؟
ماذا حدث لك ؟
ماذا جرى ؟
هل أصاب أختك مكروه ؟
هل ماتت هى الأخرى ؟؟
ظل يبكى وينتحب إلا أنه ردد كلماتها و نظر إليها فى صمت تتحادث أعينهما
ثم نظر إلىّ تجاه المكان الذى أقف فيه وأشار إلىّ بما يعنى الذهاب إليه
وقال لها وهو يأخذ بيدى
أختى بخير

.................................................

تتردد النهاية والبداية والحوار كله بعقلى
فتأخذ الفتاة أسرتها دون أبيها للعيش معها حياة مستقرة يملؤها الحب والرفاهيه
فيستمران هى وأخيها ( التى طالما تناديه أستاذى ) فى أعمال الخير التى بدأها مع محبوبته
ويتحول المال من متجر الشر إلى منبع الخير لكل البؤساء مثل الفتاة وأمها وأهلها
ويعيش الأب بمصحة لعلاج الإدمان ملحقه بالسجن الذى ضمه ومن مثله ليسجن آثامهم باقى العمر بما اقترفوه فى ذنب طفلة بريئة وذنب أم هزيلة وذنب أطفال لا ذنب لهم فى الحياة سوى أنهم وجدوا بدون حياة.

.........................................................

تلك كانت روايتها التى تهافتت عليها دور النشر كما دائما يجرون وراء قلمها وإبداعها
تلك الرواية سجلْتُها على الورق نقلا من حوائط المصحة النفسية التى أديرها وأرأسها
بعد أن كتبت صاحبتها الروائية العظيمة _التى دخلت المصحة نظرا لاصابتها بمرض الفصام العقلى_ بدمها كلمة الختام
انتهت

لتصبح رواية تحت مسمى
كتاباتٌ على جدار العبّاسيّه

طول عمرى ما دعوت أحدا بسيدى ولا دعوت امرأة بسيدتى
سيدتى ...... أختى .... حياتى التى بدت
منذ الصغر كنت أجهل هل ما أفعله صواب أم هو الخطأ
لكنى عشت فى وسط لم يردد الخطأ, لذلك عشت متمردا لأننى كنت الوحيد على علم بأنه خطأ
لا تتعجلى
لكنكِ مذ دخلتى حياتى رأيت منك مرآتى وكنتى يداى التى تجذب الخطأ كحبل يخرجه الساحر من جيبه يحاول أن يأتى بنهايته
لم أكن أخرجه ليدهشكِ, لكنّى أخرجه لأرى الجمال, لأرى ولو جزء من النقاء بداخلى
رجل عصابات, مجرم, سفّاح, قاتل, إرهابىّ, تاجر كل محذور
كل ما تتخيليه يخرج الآن أمامك مع الحبل الذى طرفه بيدك ونهايته بنهاية الدنيا التى أنا فيها
شاب ككل الشباب
حياته المال, العربده.
وسيطه نفسه, وشيطانه.
أسوته قوم يغامرون بكل غال وبكل رخيص فى سبيل العرش.
لحم ينهش لحم
حمايتى أنى ابن السلطان
لكنى اكتشفت أن السلطان لا يقف عند هذا الحد بل يصل إلى مالا سلطان له
لذلك قررت ألا يكون لى سلطان
حتى صادفنى لغط الحياه, فعلمت أنى بلا حماية
فقررت أن أتمرد على العالم كله حتى أملكه
كتبى عن الأسلحة والاقتصاد والعصابات والإرهاب والمخدرات لم تكن من فراغ
كلها كانت فى عقلى حرفا حرفا
ألم يخبروكِ أنى ذكىّ , كنت دائما الأذكى وكنت دائما أكسب ولا تقف خسارة أبدا أمامى وإن كلف ذلك خسارة العالم كله إلا أنا
الشر نما بداخلى كعنكبوت من الأساطير يعشش أحبالا من الخراب, من يحاول الاقتراب لا يمكنه الإفلات, ولا تدوم له الحياة
حتى رأيتكِ الكائن الضعيف الذى رق له حصن الشر بكامله ليدخله قلبى
وعندما علمت أنكِ من دمى عرفت السبب
كنت أنهركِ دائما, لكن رقتك لم يكن لها حسبان
فأردت أن أجعل منكِ كائنا بأحلامى أرسمه, أرى فيكِ الحياة التى فقدتها
وفى وسط الطريق عرفتينى بأستاذك
فكان ثانى من يخترق الحصن
وبدا بقوتكما بدمى يتفتت الشر ويزول
حاله كحالى تماما إلا أنه لم يبنى الشر
فقط مارس الخير
لذلك قررت أن أترك لكِ كل الخير
أن يذهب سلطان الشر بعيدا عنكِ
أن تعيشى الحياة التى بدأتها معكِ
فتركت لكِ كل ما أملك, وتركت لكِ حلمى بين طيات الورق
ربما ليس مالا من طيّب, لكنّه سيكون بيديكِ مالا طهورا.
ستكون يديكى بردا, وعقلك فى ادارتها وتوجيهها للخير هو الرشاد
قبل أن أترك لكِ منى السلام, أعتذر عن الظلام الذى رأيتيه معى الأيام الماضية
كان ليعلموا أن بنهايتى لا يبقى ورائى أحد فلا يصل إليكِ أحد ولا أكون سببا ليطولك الشر بداخلى فإما يدمر من حولكِ ثم يدمرك وإما يدمركِ مباشرة لأنه لا هدف لكِ فيه سوى الإنتقام من الشر.
إلى هنا ينتهى الشر
وإلى هنا تكن آخر الحبال
ومن هنا ... أقول لكِ
وداعــاً .......... وحتى نلتقى

وافقت أستاذى على طلبه فى أن أطمئنه على محبوبته
تلك التى رعتنى, وقد جاءت سيرتها بكلمات فى حديثى معك سابقا

لكن موافقتى أتت بعد محاولات كثيرة منه ورفض كبير منى
حتى أذهب لمحبوبته لابد أن أمر على ماضىّ
لابد أن تعاد لحظات الأسى ثانية
حتى أن حياتى وسط الورق والفحم والنار المتأججة بمقلب الزبالة تعودنى بين الفينة والأخرى
فكيف إذا وقفت هناك مرة أخرى

بين رفضى أجبرنى أستاذى بالموافقة بإقناعى بالإطمئنان على أمى وإخوتى الصغار
حقا كنت أشتاق إليهم
ولكن كان لابد له أن يأتى معى لأنى لن أقوى على الذهاب وحدى لن أقوى على مواجهة الماضى
وهو الآخر وافق بمجرد أن فكر للحظة أنه يستطيع رؤية محبوبته من بعيد
ربما يرى ابتسامتها فيطمئن لحالها

كما أنه فى حاجة للراحة التى يلاقيها فى وجه أمى البائس المتهدل
وقبل أن نغادر غرفتينا بيومين قررنا أن نفتح الصندوق
أن نفتح الحياة التى تركها لى أخى

صندوق من العاج محكم الغلق, كالذى يراه اللصوص فينقضوا عليه يمنون أنفسهم بالجواهر والماسات بداخله
لن أكذبك الحديث, فما تأخيرى لفتحه رغم اشتياقى للحياة سوى رفض مدرسى أن ما يحويه الصندوق يأتى بالخراب علىّ كما أتى على أخى.

مع رعشات يداى ودموع عيناى وصوره السائرة أمامهما, أجد صندوقا فارغا يحوى فقط ورقتين
إحداهما مرقمة برقم واحد والأخرى لا تحمل أرقام

نظرت لأستاذى فى دهشة ونظر هو إلى الورقتين باستغراب
وقررنا أن نأخذ الترتيب الذى أشار إليه أخى بخط يده .. وبدأت بالورقة الأولى رقم واحد
فوجدت فيها
أنا المدعو سلطان
ابن إنسان لا أعلم من هو
لقبى عشت به سلطان, ليس لى إسم سوى أنى طوال حياتى ظلت سلطان نفسى
كما عشت سلطان المال , ولم يملك المال أبدا سلطانى
عشت حياتى أبحث عن حياتى وما أن وجدتها حتى قررت أنه لا مفر فحتما حياتى هذه لم تكن الحياة
كانت مجرد ذكرى لحياتى الحقيقية
تمردى على مالكى لم يكن إلا تمرد عبد لمالكه, لأنه فى زمن يرفض الرق ويرفض العبيد
لابد أن تكون أنت فوق العرش, ينحنى الجميع إليك ولا تنحنى أنت إلى أحد
عشت لنفسى بعدما تأكدت أنى أعيش غريبا مع أناس غرباء
حتى وجدت فى عينيها حياتى, وعلمت أنها أختى رغم أنها دائما كانت تدعونى سيدى
رغم كل هذا لم أرد لحظة أن أخبرها حقيقة أُخوتى لها
فهل لها أن تفخر بلصٍ مثلى, أو قاتل مثل السلطان بداخلى ؟
نعمت بحياتى إلى جوارها رغم قصرها
وهذه وصيتى
لها فقط , أكتب كل أملاكى بما تحوى من مكتبتى التى أحبتها وتعلمتْ من كتبها الكثير والكثير
كل ما أملك حتى حياتى فهى لها
كذلك رسالتى الأخرى هى فقط لها
وشكرا


فلماذا يتملكك الحزن رغم أنك عرفت حقيقتك ونعمت بالماضى وتنعم بعملك الآن
لماذا يتملكك الحزن وأمامك من هى أكثر سوءا وحالها يكاد يفجر ينبوعا, ليس من الماء ولا الدموع لكنه من المفترض أن ينهل بدم جراحى التى لم تندمل ولا تنتهى.
.................................

إن حالى علىّ الآن أشد
إننى لا أملك حزنا على فراقى ما أنا عليه إلا لأننى فارقتها
ولا أملك حزنا على معرفتى الحقيقة إلا لأننى لم أجدها

أين أجد أمى ؟
وكم أحتاج لأنصرف بعيدا عمن أحبتنى لربما تطول المسافات وتنسانى

أبحث عن الحنان الذى لم أراه فى الدنيا إلا من محبوبتى
أبحث عنه الآن فى دفء حضن أمى الحقيقية

فليت محبوبتى باعتنى كما فعلت أمى, فما كان هذا حالى

عاشت أحلامها معى ذاك الذى كنت أنا , أنا المزيف بجاهه وماله ونسبه الشريف
بنت قصورا من الحب والراحة معى
بنت أبوابا من الخير فى ظل ما كنا لنقوم به سويا

الويل لها من أحلام دمرتها, منحتها سريرا فى مستشفى الأمراض العصبية
جعلتنى سببا فى محنة فتاة لم تطلب سوى الحب, لم تعش سوى الأمل, لم تمارس بحبها سوى التضحية

كانت هى معينتى على خلافى الدائم مع من ربونى عن المال والأعمال التى كنا نقوم بها
كانت راحتى وأنسى
كانت قمرى ووجه شمسى كل صبح, كانت مراسيلنا نجماتنا اللامعات فى عتمة الليل وسكونه
كانت ملجأى بعد طردى, فأحنت علىّ وساعدتنى
كان لابد من تلك النهاية, كان لابد أن أظهر لها كم أنا مخادع أنانى سىء
لم يكن هناك من عقل يقبل أن أكتب اسمى , فقط اسمى فى عقد زواج معها
هل كان أهلها ليقبلوا
ما كان لى أن أدمر أحلامها بأحزانى
هذا ما فعلته هو الصحيح , حتما هو الصح

يوما ما ستنسانى بحنان رجل آخر وبواجبها نحوه وارضائها لوالديها

لكننى لن أسامح نفسى فيما سببته لها
أود لو أطمئن عليها
لو ألقى نظرة على حالها

ذهبت المشفى فقالوا خرجت قبل ذهابى بربع ساعه
ليتنى ما مت كل هذا لأستيقظ متأخرا عنها

سرت فى الطريق متوجها إليها أحدّث نفسى
كيف سأخبرها
كيف سأبدأ
ماذا سأقول لها
كيف سيكون رد فعلها
دارت أسئلة كثيرة جدا فى خلدى ما انتهت حتى بعدما وقفت أمامها ولمست حزنها
أخبرتها أن أمانتك سيدتى فى عهدتى ما بقيت حيا
وأن ابنتك فى سلام وخير بفضل الله عليها
ولكنها عهدت إلى برسالة أخبرها لكِ
لا أدرى من أين أبدأ وكيف سأخبرك, لكن.....
ما حفظت ابنتى عهدى
ابنى قتل, أليس كذلك؟؟
أملت برأسى أن نعم قتل وواراه الثرى
فقالت بئس ما فعلت فى ولدى, وبئس ما فعل به ذووه, وبئس ما حملت له الأيام
واءسفاه على البشر, آكلى لحوم البشر, غابة يا ولدى ينهش فيها الذئاب لحم الذئاب.
بكت وأسردت تقول :
علمت بموته قبل قتله, أخبرنى مولاه, أخبرنى بما فعل ابنى بنفسه وكيف هى نهايته, وكيف أنه قطع اليد التى امتدت له بالثراء والنعيم والخير.
أخبرنى مولاه كيف راعى ولدى وكيف منحه من العلم والمال والأهل
لكن ابنى لم يرضى وأراد أن يملك كل شىء, فنهب وسرق وسبى واختلس وصار السلاح تداريه سترته, يسير بأعين من أمامه ومن خلفه, يرقب الناس من عمق بصره, يطرف بعينه طوال نومه
أظنه الآن قد ارتاح وهنأ بالأمن والسلام, فما أبكيه لأنه مات, لكنّها عيون أم ثكلاء, خافت على وليدها فأعطته للثعلب يربيه فعلمه المكر والخداع واستخدم ذكائه فى كل سوء وخلّف فطنته الطاهرة حقلا من القمامة والقاذورات, كان ينبغى حرقه وكيه بالنار.
حاولت أن أدافع عن أخيكِ, عن صاحبى فى أيام قلائل, عن رفيق وحدتى وألمى, لكنى ما وجدت له منفذا أدافع عنه, فقد أذنب وأخطأ وعرّض أناسا أبرياء للدمار والخراب.
لكننى تركتها مرددا:
مات من كان سبيله العناء , وداسه الناس من كانت أرضه جرداء, وألف القتل من عانى صدى الآهات, وكساه الأحمر من خالط دمه الشقاء, وغطاه الثرى من كانت نهايته توبة, وختامه من ذنبه براء.

أنا جالس الآن بين يديكِ
لن أسلّيكى بالقصص, لكنّنى سأحل لغز الصندوق قبل أن ترى ما فيه, هذه حياتى وحياة أخيكِ, تقابلا ولا أظن نهايتها إلا واحدة, فإن كانت قتلته وحدته, فإنى أراها تقتلنى عن قريب.
نفس الحدث فتاتى, إنسان ليس له أب أو أم, من أبوه.. لا يدرى, من أمه .. لا يدرى
رغم أن لسانه لم يفتقر يردد أمى وأبى
تستيقظ من نومك فيخبروك أن لا أبّ ولا أم
أننا فقط مدربوا الدمى الرقص
عشنا سنين العمر مخدوعين فى أحضان ليست لنا.
لا أدرى منذ صغرى لماذا نضجت خائفا متوجسا منطويا على نفسى, وحشا مفترسا هائجا على من حولى رغم كل الحنان الذى تربيت فيه والنعيم الذى نعمت به من مال ومأكل ومشرب وصحبة وعلم وأهل غير آبين علىّ.
كل مرة أنظر فى عينيها أرى دموع الحنين, دموع الشوق, دموع لقاء الغريب, أرى قلبا ينبض بالحنان والدفء
لم أتساءل لماذا رق لها قلبى, لكننى كعادتى توجست, ربما سيدة الشارع تلك تحن بنظراتها ترفقا فتميل عاطفتى ,
ربما أدركت ضعفى وانطوائى فاستغلته ولو أجبتها لن تتركنى حتى تأخذ منّى.
كنت أتركها بنظرة قاسية, وكانت تردنى بنظرة عاتبة حانية, لم أفهمها حينها, لكننى مع التوالى فهمت
عشت لنفسى بعدما علمت حقيقة الثرىّ الذى اشترانى بماله مستغلا فقر أهلى وضعف حالهم, اشترانى لأكون أنا فخره بين أهله وعزوته الغير آبهين له, علمنى وأغدق على بالعلم, منحنى كل جميل فى حياتى, لم يعلمنى الكذب فى حياتى أبدا, لم يعلمنى الخداع ولا شراء الناس واستغلال الظروف, علمنى أن أكون نفسى, أن أكون كما أريد, أن أعيش عنفوان شبابى, لكنّه لم يعلمنى أن أكون كريما أو عطوفا أو جوادا, كان يخشى على ماله وعلى تركته, فما اشترانى إلا لأكون اسما يخزن فيه تركته, نعم.. خشى من أهله وسطوتهم وسلطتهم فاشترانى من حيث لا يدرون من أين أتيت, تعلمت خارج البلاد حتى أصبحت طفلا رشيدا ببعض الفكر, قال هذا أنا أبوك وهذه أمك, وكل من حولك يريدون مالك, يريدون حياتك, يريدون تركتى.
خفت الناس وخفت من سلطان المال وخفت من سطوة نفسى, فركنت لأمى فما وجدتها إلا سيدة تنزوى إلى أهل الرفاهية والحضر, تستنكر مظهرى ومنظرى, كانت دائما تبعدنى عنها بأطراف أصابعها وتقول اذهب لأبيك
حقا كان يطوينى حضنه لكنه كان حضنا مليئا بالشوك, شوك التظاهر والمقايضات والخداع.
لم أر إلا معاداة الأهل من ظننتهم أهلى, فلذت بنفسى وجلست قريبا من مكتبتى أعدت قراءة الكتب ونهمت المعرفة, وتعلمت كيف أعامل الناس بالحسنى, بحثت عن أعمال أساعد بها الناس وأقترب منهم لا أخشى وهم قتلهم لى, فعملت بالجمعيات واشتركت بمشاريع مساعدة الفقراء والمرضى وغيرها, فعلمت أن الناس يعيشون كلا بحاله, كل منهم يحمل عبئا مهينا على عاتقه, أعنت من استطعت ووجهت الآخرين لطرق تعينهم, حتى وصلت أعمالى لأبى, فضاق منى وقال أين تبذر مالى يا مسرف
لم أتوانى أن أطلب منه مساعدة هؤلاء الناس والقرب منهم, لكنه فضل كنز الذهب والفضة, فقلت إذن إما أنا يا أبى وإما المال.
وما أن فتح أبى فيه ليجبنى حتى سارعته تلك التى كنت أدعوها أمى بالجواب فقالت
مالنا, فما اشتريناك إلا به, وما أنت هنا يا صعلوك تحمل اسمينا إلا به, فما أنت إلا ابن شارع, مهين فى أهلك, دفعت بك أمك السارقة الشحاته مقابل المال.
لم أصدق إلا أن طال صمت أبى فلم يرد عنها كلامها
خرجت من بيتهم منكبا على وجهى, باحثا عن مرعى وعن مأوى
تركتهم بعد أن تركت كلمتى لهم
( شكرا)
مشت بى قدماى إلى المدرسة التى كنت أعلمك فيها, فقابلت المدرسة التى أتت بكِ, وطلبت منها ما ان تجد فرصة عمل أن تخبرنى, فقد كانت مدرستك مشاركة معى فى أعمال الخير
حتى أخبرتنى أنى أستطيع العمل كمدرس لتعليم الأميين, فما توانيت عن الموافقة وبدأت حياتى فى مجال غير دراستى تماما, لكننى ما أردت أن أكون حضرة الباشمهندس المشترى بالمال, أردت أن أبدأ بما أحب وما علمته نفسى.
كنت أعود تائها وحيدا أحاول البحث عن أمى لربما رأيتها لربما تعرفنى لربما أعرفها لربما يحن قلبى لها وتحن لى, حتى تذكرت تلك السيدة التى كانت تترفق لى, فبحثت عنها حتى وجدتها وكعادتها كلما رأتنى لكنها هذه المرة اقتربت منى ولمستنى وبكت حينما وجدت المذلة والحسرة والألم بعينى.
سألتها من أنتِ؟
فقالت أنا أم الفتاة التى أخذتها تعلمها, ورفعتها من سوء ما كانت به, شكرا لك يا ولدى
قلت لها هل تعلمينى؟؟ هل رأيتينى من قبل صغيرا؟؟ هل لكِ ولد تائه؟؟
قالت لا يا ولدى, إنى لأذكر لك جميلك فى ابنتى فعدنى أن تحميها وأن تحافظ عليها
كانت والدتك.. نعم كانت والدتك
مذ وعدتها وأنا أحميكِ, أعيدك لداركم ليس فقط لأرد أمانتها لكننى كنت أشتاق للحنان بعينيها, كانت عيناها حاضنتى, كنت أكره أمى التى باعتنى مقابل المال, لكنى ما كرهتها مذ عرفت والدتك, ما كرهتها مذ رأيت حالكم, ما كرهتها مذ أدركت أن أمى ما كانت لتبيعنى لولا أنها رأت موتى وشيكا منى.
تلك حياتى بكل بساطة, نائه لا أدرى لى أرضا ولا أدرى لى سماء غير أنى أرغب حقا أن أعود لأحضان والدتك
......................
.وماذا سأخبرها إن قابلتها؟؟
هل أخبرها أنى لم أحفظ أمانتك؟
..............................
ذكرتينى, حيث استلمت منى رسالتك .

رغم خوف أخى من الثقة بكل من حوله إلا أنه أيقن الروح الطيبة فى معلمى, فأخذه رفيقا لسمره وحديثه, عامله كما يعامل الصاحب صاحبه, كانا يصطحبانى فى جلساتهم الثقافية وكنت أتعلم من علمهم وعلم الآخرين من حولهم, لكنّى رغم ذلك كنت أتساءل; صاحب الحراسة القوية من حوله الحاملة للأسلحة, صاحب الخوف والشك والظنون, كيف يلين لإنسان لم يره إلا مصادفة حين كان معى عائدين من السوق.
فى ليلة سمر مع معلمى فتحت معه هذا التساؤل
ماذا بهذا الصندوق؟
أو تدرى يا سيدى .. قد أعطانيه أخى وقال هو وصيتك من بعدى فاحفظيه لنفسك, قال إن فيه حياتى القادمة كلها, أراك كنت قريبا منه فى فترة قصيرة جدا, ترى هل أخبرك عن سر هذا الصندوق؟
ترى ما الحياة بداخل الصندوق؟
حياته هو أم حياتى أنا كما قال لى؟
........
أو حياة أناس مغلق عليهم بقفل مفتاحه حياة أخيكِ !!!!؟
تسمّرت
ماذا تعنى يا معلمى؟
أخوكى لم يرتبط بى لمزاياى التى لا أراها, أو لأنى لا أحمل سلاحا فيخشانى, أو لأنى أعرفك
لقد رآنى سيدك كما يرى نفسه تماما
رأى وحدة رغم كل ما حوله
رأى صمتا, رأى ذنبا أذنبه الناس فى حقه دون أن بعلم ما الذنب ولا مصدره
رأى الأيادى تنقله من هنا إلى هنا كدمية تحركها خيوط معلقة بخشبة عريضة يمسك بها آمرها, يرفع يمين الخيوط فيميل يسارها ويرفع يسارها فيميل يمينا, ما الفائدة من الميل هنا أو هنا, لا يدرى سوى أنه فقط يميل
يصفق الناس, ويطرب هو مبتسما لتصفيقهم, يصنعون منه مشهورا وهو كيس من القطن مصنوع بأيدى صانعه ذاك الذى يتخفى أعلى المسرح لا يراه أحد لكنهم يعجبون لإبداعه فى اصدار الحركات.
هكذا كنت أنا وعلى هذا مات أخوكى, إلا أنى علمت لماذا يميلون بى يمينا ويسارا فاصطفيت بنفسى وتوجهت أمامى, تحركت حركات نافعة, لم أقف ثابتا فى مكانى أنتظر نهايتى, أنتظرهم يعاقبونى على عصيانى فيقطعون رأسى, وينفرون قطنى, ويجذبون أذرعى, ويلوثون ثيابى, ثم يغرقوننى فى الحبر, فلا تظهر لى ملامح.
ما منع أخاكى من الهروب سوى أنهم لوثوا وجهه بكل ألوان الأحبار, فما رأى نفسه إلا نفاية تستحق النهاية
فوقف ثابتا, لم يغير فقط إلا ميلته, فعصا رفعة الحبال, فما مال يمينا, ولا مال يسارا, فقط وثب وثبة إلى أعلى جرح مالكه ثم ضحك وابتسم, وترك الناس يخافون منه يهربون من حوله, يبحثون عن وسيلة لقتل الشر فيه قبل أن يؤذى أبناءهم.
لكن للأسف, قتلوه فى الوقت الخطأ, كان أولى بهم أن يقتلوه قبل أن يؤذى صاحبه, كان أولى بهم أن يقطّعوا الدمية قبل أن يلطخها صاحبها زيادة بالحبر الأحمر.
قتلوه وما علموا أنه روح قد زالت غشاوتها فنطق, قال أعينونى للخير, طلب مساعدتهم ونسى الخوف الذى تركه بداخلهم, هل تعجبين لأمرهم؟؟
كان ضعفه هو خطؤه, كانت مزلته هى إثمه فى حق نفسه, كان لابد له أن يحيا ملطخا حتى تزال عنه البقع بخير كان ليقدّمه.
مات أخوكى مخطئا, فما علم للحياة معنى رغم غناه وسطوته وسلطانه وهيمنته إلا الأسى والألم.
دهشت وما أجبت إلا
هكذا كان رباطى بأخى دون أن يعلم حقيقة رباطنا
كانت هى
هى فقط
وحدتنا

ساعدنى مدرسى فى المرور من ظلمة الأيام الأولى بعد فراق أخى, كان منّى بمثابة المتغير الذكى الذى أراه فى نهم الدنيا وحشاها, يتسابق الكل ليملىء نفسه بما تطيب لها من ملذات, يركع لها وربما يسجد متعبدا لترضى, يضحى بالقرابين وليتها ترضى, لا قناعة فى بنى البشر, لا عفو بين الناس ولا غفران, لا حياة فيهم سوى حياة الغابة ينهش كلاً لحم الآخر, المهم له أن يرضى عنه ملكه, امبراطوره, نفسه وأن يشبعها من حياة الآخرين لها حيوات.
لم أر سوى معلمى هذا, كان كالنور فى ظلمة الأيام, رغم وضح الشمس كل يوم إلا أنها كانت تختفى عنى تميل خلف سحابات أو كأنها تأخذ من القمر ساترا كل يوم لتختفى فى كسوف عن أفعالنا, كأن المتغير الكونى الغريب عنا أن نراها ساطعة تنير دواخلنا وتنثر روح الحياة فينا.
رغم الضباب يغشى عينيه, رغم السكون الدائم والصمت, أراه لى نبراسا للحياة وأملا جديدا يرمقنى .
صادفتنى مقابلته فى الحىّ المجاور للسوق بالقرب من الضاحية التى كانت تقع فيها فيلا أخى
وتحدّثنا طويلا عن حالى وتقدمى فى القراءة والكتابة
كنا نلتقى كثيرا, كنت أتمنى أن يكون بحرا عميقا جدا أنثر فيه أسرارى فتغرقها المياه, لا يصل أحد لقاعه
لكننى لم أرد أن أعيد آلامى فى ظل حياتى الوردية المليئة بحنان الأخ وبالحب.
قدمته لأخى وكانا يتبادلان الحديث فى أمور الدولة وأحوال البلاد وثقافة العالم مما كنت أجهله وقتها
كان مرحباً به دائما من قِبَلِ سيّدى ( أخى ), كانا يقطعان أشواطا فى الحديث, فى السمر, فى اللعب, فى كل مشترك بينهما.
وما أن حدث ما حدث وعلم معلمى به حتى أتانى وأنا أجلس أمام قبر أخى وأخذنى بحاجاتى البسيطة إلى السكن الذى أجرته, كان مجاورا لسكنه فكان يمر علىّ نهارا يسألنى إن أردت شيئا, ويمر علىّ ليلا ءانس به ويأنس لصحبتى حتى يغافينى النوم فيطفىء الأنوار ويرحل إلى سكنه حتى يحل شروق يوم جديد.
وعاودتنا آفة الذكريات, سألته فى سمرنا ليلة وماذا عنك؟
لماذا تغشى عينيك سحابة زاخرة بدموع تثقلها ولا تنهمر؟
لماذا أراك عبوسا قاطبا رغم ابتسامتك ؟
لماذا أرانى دائما فى مرآة وجهك؟
وتدور دفة الحديث ليحمل هو سؤالا, لماذا كلما رأتنى أمكِ بمرسالا لكِ أصابها سهم كأنه يحمل بمقدمته قنبلة مسيّلة للدموع, تبكى بفرح, تهلل بقدومى, تجلس مهمومة وإذا ترانى تهلل؟
ربما لأنها تعلم أنّك حاملٌ مرسالى
لا, فما كانت أحضانها إلا حنانا وشوقا
وما كانت نظراتها إلا لقاء بعد غربة
وما كان انتظارها إلا لى كلما مررت للمدرسة حتى وأنتِ لا تزالين ببيتك
اصطنعت سؤالا فما طاوعنى فيسألها, وحالفنى الصمت ككل حياتى بلا رافد, لا يهمنى لها مذاقا ولا معنى.

بداخل القبو النافذ من غرفة تملؤها مخلفات الفيلا من الأثاث وغيره, أعطانى أخى صندوقا وقال ( هذا أمانتكِ, فافتحيه بعد قتلى, ولكِ كل ما يحويه )
نظرت بعجب لهذا الصندوق الصغير الحجم الكبير السر, ترى ماذا بداخلك؟
أطفأنا مصباح القبو وأغلقنا منافذه كما دخلناه, وسرنا نتحسس فى الظلام, وبينا نحن على أولى درجات السلم المتوجه للغرف فى الأعلى, إذ سمعنا همساً وحركة تحيط مدخل الفيلا, شد أخى على يدىّ وقال ( هنا تقترب النهاية ) .. فزعت من قولته التى لم أعيها, سوى أنى جذبته بقوة نعود إلى القبو فنختبىء فيه, لكنه دفعنى تجاه الباب الخلفى للفيلا قائلا ( ليس لكِ ذنب أن يحويكى قبرى )
وفجأة دفعنى بقوة يدافع بها قوتى فى صده عن اخراجى والحاحى على ابقائى معه, ليدفعنى مرة أخرى فأسقط مغشيا علىّ أردد لنهرب سويا أخى .. أخى .. أخى
أفقت بتنبيه إلهىّ أرسله فى قطرات المطر المتساقطة, لأجد الفيلا مستنارة من ظلمتها, لكن بئسا له من ضوء, فقد كانت النار هائجة متوهجة من الفيلا, والطلقات النارية متتالية, تدب أصواتها بالجوار.
أدخل هلعا باحثة عن أخى, لأجده مستلقيا بالقرب من الدرج تسكن جسده الرصاصات, وملابسه كأنها تذرف الدم باكية عليه, وأنا فى غيبٍ عن وعيى أهزه هزا قويا, أتحدث إليه أرجوه ألا يتركنى, أحدّثه عن حقيقته وحقيقة أخوّتى وأمنا وإخوتنا, حتى طلّ بمنافذ عينيه المليئة بظلمة منتقلة إليها من ظلمة العالم بأسره, ويبتسم ثغره يبعث بروح الأحرف
( كنت دائما أراكى هكذا, فإلى لقاء قريب )
ومات بين يدى وثغره الباسم فى عينىّ والمعول يطرق من تحته يحفر قبرا مقر اشارته إليه.
انتهيت من الدفن وجلست لجواره أدعو طول الليل, ودنا النهار منا, فلملمت حاجتى من أطلال سعادتى التى لم تطل عامين.
كتبت مرسالا إلى أمى أعلمتها بمقتل وليدها, وأرسلته مع مدرسى (ذاك الذى كان يتابعنى فى فصول محو الأمية ) يقرؤه عليها , رسالة من سطرين
قُتِل ابنُكِ
ولا أدرى, هل جانى أم مجنى عليه ؟
لم تلتهم النار بعض الأشياء من البيت, ولم تعرف طريق القبو.
جمعت ما بقى وبادلت به سكنا قريبا من غرفة وما يلزمها لمدة أسبوعين
وجلست من جديد وحدى أقلب ذكرياتى وأعيد أجمل اللحظات وأنا أبحث داخل الصندوق بعين لا ترى سوى قفلا ومتراسا عليه.

كم من الكتب قرأتى ؟؟
قرأت الكثير من مكتبتك سيدى
بخلاف ما قرأته من كتب لم تحويها مكتبتك
إذن قرأتى فى السياسة , فى القانون , وفى ..... ( صمت ونظر إلى مكتبته ثم وقف فى حزن , شارد الفكر ينظر على الخارج متخيلا المدار حول الفيلا من خلف الستائر ومن بين الإضاءة الخافتة التى تنير البيت بأكمله )
نعم .. قرأت كل الكتب سيدى
كلها .. ( قلتها وأنا فى توجس وخوف وقلق عليه , قلتها وأنا منكسرة تتساقط دموعى على الأرض )
رفعنى إليه ثم قال
( هل تعلمين لماذا أنتى هنا الآن ؟؟ )
لا أدرى حقا .. سوى أنى نظرت لعينيكِ أول أن قابلتك فأحسست براحة كبيرة
لم أستشعر الأمان سوى وأنتى معى
أريد أن أجلس معكِ كثيرا , نحكى كثيرا , فلا تتركينى مشردا شريدا مهما حدث
ولا تنادينى سيدى ثانية
فأنتِ معى هنا روحى التى أحدثها , ولا سيّد بينى وبين روحى
قلت وأنا منهمرة فى البكاء
إذن دعنى أناديك أخى
أرددها ( أخويا , أخويا , أخويا )
بادلنى هو الآخر بكاءه , ربما لأنه وجد من يحتويه , أو ربما لسبب لا أدريه بداخله
دار نهارنا فى بكااااء طويل حتى غلبنا النوم
وذات يوم من أيام الظلمة فى الفيلا حيث ترك الكل أخى وهربوا ولم أرد إلا البقاء معه , فمن لى سواه
نادانى أخى بصرخة أن أغلقى الأبواب واطفئى الأنوار
فعلت مسرعة ما أمرنى به ثم صعدت إليه فى غرفته فوجدته منهكا يردد ماذا فعلت .. ويلى .. ماذا فعلت
جلست لجواره حتى هدأ قليلا ..
أخى .. ما الذى يحدث هنا؟؟
ماذا يجرى ؟؟
ألست روحك ... فافض بما بداخلك .. ربما وصلنا لسبيل
حواه صدرى ودموعه تنهمر , وقلبى على أخى ينفطر , لا أدرى ما به , ولا أفهم ماذا فعل وما المصيبة التى أدخل الجميع فيها وهرب الكل من حوله وتركوه
فجأة وقف وقال لى .. إننا فى خطر .. عليكِ الرحيل من هنا الآن .. الآن
ثم دفعنى لغرفتى وجمع ملابسى وبحركات هستيرية مفاجئة
فتح الباب
ثم فجأة صمت ..
نظر بعيونى فوجد بها نظرة غريبة حتى أنا نفسى لا أستطيع أن أمنحها معنى
أغلق الباب ثانية وأخذنى بين ذراعيه وقال لى آسف
قلت له .. وهل لى مأوى سواك أخى .. اجعلنى معك فإن كانت نهايتنا فلنكن سويا .. فماذا ستعنينى الحياة دونك سوى وحدة وألم .. سأبقى هنا معك
هيا لنرفع ستائر الظلام عن البيت .. ساعدنى لنصنع حاضرا جميلا ومستقبلا أفضل
توجهت إلى محول الكهرباء أرفع أذرعه .. فإذا به يوقفنى .. لا تفعلى , سيقتلونا بمجرد أن يعلموا بوجودنا
سيدمرونا
تعالى معى سأوريكى شيئا , ولتكن أمانتك حتى إذا مت
لا تحمّلنى ما أجهله أخى , كن معى , لا تنتظر الموت , بل عش الحياة وسأبقى روحك وأمانك , سأظل أنا ملاذك وراحتك .
لا وقت لهذا الكلام , تعالى بسرعة فالوقت يجرى بنا , وطريقى نهايته قتل , وها هى النهاية أمامى أراها , وعلامة الموت هناك خارج هذا الباب , لكنها تحمل سهما رأسه لتحت , تعنى أن قبرى حطام ما بنيته بقسوة , جهل , قتل , و دمار.

أقف معك هذه الجلسة لأجاوب حيرتك وسؤالك الثانى
كيف من لها كل هذا الماضى تحدثك بهذا الأسلوب وبهذه اللباقة والتصويرات
وكيف قرأت عناوين الكتب بمكتبة أخى
أعلم أنى أخبرتك أن أغلب العناوين كانت تدل على كتب تخص المخططات والقانون والسياسة وفن التعامل والمافيا والمخدرات
هذا بالإضافة إلى ما كان يشغل أخى من أمور اخرى عادية تحويها مكتبته
أتذكر ملجأى الثالث ؟؟
نعم الخرابة , مقلب الزبالة
هنالك وفى يوم كنت أجلس شريدة الذهن , أتت فتاة جميلة , فى مرحلة التعليم الجامعى
أقبلت فى ابتسامتها الجمييلة جدااا وسألتنى عن اسمى , فأخبرتها
سألتنى عن حالى , فقلت بائس سيدتى
سالتنى عن جلستى هناك , فقلت مأواى وهل لى مأوى آمن سواه
سألتنى عن الورق بيدى , قلت لها بداخلى عزاء كبيير أحاول أن أصنعه بين يدى
فقالت ارسمى اسمك
قلت أجهله وأجهل أحرفه
فوجهتنى إلى حيث أتعلم رسم اسمى , فالتحقت بفصول محو الأمية
وكانت هى من ترعانى وتتبع تعليمى وتشرف علىّ
وأسعدها تقدمى السريع فيما أكتب وأتعلم
كانت بدايتى بين يديها
كنت أفضل من يدرس على الإطلاق , فرغم أساى إلا أن عقلى منحنى قبول لكل المعلومات
ذكائى وفطتنتى ربما أعيدها لأبى الهالك فى الخمر والسوء , ربما هذا ما أسامحه به ..!!!
أو ربما أعيده لأمى البائسة فى دنيا مهلكة , الضائعة بين أبناء كثيرين وبين حالها وزوجها وبين الناس المتآمرين عليها وبها وبأولادها , ورغم ذلك إلا أن ذكاءها هو ما دفعها للخروج من كل مأزق
لن أفاضل بين ذكاء أيهما , المهم أنى أخذت خليطا منهما منحنى تقبل العلم والمعرفة
كنت أجلس مع سيدتى وأوقات أخرى مع مدرس آخر اتفقا على أن يجعلانى على علم بعلوم الدنيا والقراءة والكتابة .
أسعدتنى أيامى تلك , وأسعدنى شكل اسمى كلما رسمت أحرفه , وأسعدنى أكثر أنى علمت أسماءً مما علمها المولى سبحانه لأبينا آدم
كم هى بائسة الحياة بعيدا عن العلم والمعرفة
وتعلمت أكثر عندما منحنى أخى هذه الفرصة بين أيدى الأساتذة الكبار
ومنحنى فرصة الالتحاق بمجالس العلم الكبيرة , والمثقفين
كنا ندور ونجول ونصول أنا وأخى .. وليت بإمكانى أخبره أنى أخته قبل أن أكون خادمته

فى وضح النهار , أسير وحدى أقلب فى عيون البشر , وأنعم بأعين الهرر الخضراء
فى وهج الشمس , أترك جلدى يحترق , ولا أشعر إلا برائحة كرائحة الكبريت المشتعل
لا أدرى وجهتى , سوى أنى لابد أن أكون فى البيت الذى سأعمل به خادمة قبيل العصر
تهت فى عالم نفسى , فى حزنى وألمى , فى سؤال لا يتركنى ولا يغفلنى .. وماذا بعد ؟؟
سمعت أصواتا تهزأ بى , تجرح حيائى , وأيادٍ تبطش بى , ,وأخرى تدمينى بما تلقيه علىّ
ظنّوا أنّنى بلا عقل , مثلونى بحيوان سَعِرْ , رأونى ولحمى يلاصق عظمى , وجلدى بلون القار من الشمس
أغفلوا أنى منهم , خافوا منّى
حتى وجدت سيارته تمر من جانبى .. فأبطأ السير وعيناه بعينى
تبسمت له رغم ألمى وحزنى
ودهش لحالى وصمتى رغم انتباهى ووعيى
راقبته من خلف أسوار الحديقة الكبيرة الملاحقة للفيلا التى دخل إليها بسيارته
كنت كعين أخت سيدنا موسى عندما طلبت منها أمها أن تتبع أخاها إلى أين سيصل به قدره
أكملت نهارى وأنا أدور حول السور أحاول أن أراه من كل فارغة من فوارغ الأسلاك
لم يساعدنى جسدى على الصمود بعد عناء النهار الطويل والشمس الحارقة , فنمت كما لم أر النوم منذ أعوام
لأجد وأنا فى يقظتى أناسا من حولى ينظرون إلى , يتساءلون , يقولون لصا , ويقولون داعرة , ويقولون جاسوسة , لا تنتهى أقوالهم ما دامت أفواههم تسيل لعابا لا يرد ألسنتهم عن صمت الكلام
هنالك قمت واقفة ونظرة نظرة احتقار لكل عين منهم
لملمت أجزاء ثيابى المتهدلة , أخفيت عن أعينهم بعض ما ينظرون إليه من بين ثيابى المتقطعة وجسدى الضعيف الهالك
أقبل حارس الفيلا على اللمة المحتشدة يرى ماذا بين الجمع , فما أن وجدنى حتى أخذ بيدى وأدخلنى سكنه وألبسنى من جلبابه وأعطانى مما يأكل وراعانى حتى طعمت وشربت
نظرنى مسائلا ما حكايتك ؟؟
من أنت ؟؟
وسمع السيارة قادمة نحو البوابة , فقام مسرعا نحو البوابة , وقمت من ورائه أنتظر أرى أخى
وللمرة الثانية وفى ثانى يوم يبطىء بسيارته وعينه بعينى , لكن عينه تتحدث فى شدة تحمل مشكلة شديدة لم تمهله السؤال عما يراود فكره
وقدمنى العجوز ( حارس الفيلا ) إلى كبيرة العاملين أننى الخادمة الجديدة , وعاد ليرانى أقف أمام صورته داخل غرفته التى نظفتها مسبقا , أقف مبتسمة وعيناى تبكيان , فأجده يدنى منّى ويسألنى , أتذكر أنى رأيتكِ من قبل , ترى أين ؟؟
وراح وجاء وأنا أنظر إليه حتى تذكر فقال .. نعم , رأيتكِ مع السيدة التى كان والدى يعطف عليها بالمال كل شهر , إذن أنتِ هنا بأمرٍ من والدى
لكن لماذا تقفين هنا فى غرفتى ؟؟
وقف الدمع المسكوب من عينى , لست لصا يا سيدى
بل تعجبت لهذه المكتبة الكبيرة فى غرفتك , ووقفت أحاول قراءة العناوين بكل كتاب , محاولة ألا أنسى ما تعلمت من رسم الحروف وأشكالها
تعددت حواراتنا والتقينا كثيرا وابتسامتى تخترق أحشاءه فى صمت وسكينة , فكان يستشعر الأمان بى ومعى
فأتممت تعليمى بتوصية منه , وكنت ملجأه وبئر آلامه وأسراره إذا ضاقت به نفسه , فكنت القريبة منه كما كان المفترض من سنوات مضت .. بدأت حياتى الجميلة تقترب منى ... توقعت ذلك .

انتظرتك تسألنى هذا السؤال الذى أراه بعينيك مذ بدأت جلساتى معك
لكن يبدو أننى فقط من أتكلم وأنت من تسمعنى إلى النهاية
هذه مهنتك أعلم .. ولذلك سأجاوبك دون أن تسألنى
ولكن لا تمل حديثى
فأنا أملك عمرا .. كل يوم فيه هو يوم من أيام حياتى .. وهو أيضا صورة لحياة أناس يعيشونها متفردين بها عن باقى أيامى
طالما حدثتك عن التيه فى عيونى وكأنى فى المحيط الهادى ؛ الغير هادى
وعن السحابة السوداء بغيمات عقل أمى لا تجد ملاذا لى
ولكنى أخبرك أن أحداث فيلم تتكرر .. هذا الفيلم شبيه بحياتى
هل رأيت كيف باعت سيدة الجراج أولادها لأنها لا تجد ملاذا لهم خاصة بعد مرضها
نعم بالمثل ... أمى وزعت علينا أعمالا وعلى اخوتى
فأخذ الأثرياء أخى الكبير
وأخذ اللص أخى الذى يصغره
وأخذ أمى مرضها بأبى ... سرطان كبيييير يهتك جسدها , ينهكها , يسرق سر حياتها بنزعات ألم كل ثانية من عمرها .. واءسفاه عليكِ أمى
منذ أعوام لم نر اخوتى
منذ أعوام حوى اللص والثرى أرواحا ليست منهم لتكن بينهم ووهما بأنهم منهم ولهم
ويعاود اللص أمى يعطيها المال مقابل دفن سر الطفل النابغة النشال الماهر والصبى فاتح الخزائن , ذاك الضعيف الهالك , بجسد واهن , وعظم كأعواد القطن الرفيع اللين , واللسان الذى يتعدى طوله بمترين .. أقصد ( لماضته ) , أما عن عقله فحدث ولا حرج .. فهو المخطط , وهو العين المعدة والمدبر , وهو اليد الواجب قطعها من جسد سلسلة اللصوص المتوالية .
لم أدر يوما بهؤلاء الأخوة إلا هذا اليوم
أتتنى أمى وأنا أجلس كالقرفصاء أضع رأسى بين يدى , أنام .. قل أدفن رأسى كالنعام من الخوف .. قل أهرب .. سأترك لك المسمى , فسمّها ما تشاء
أخذتنى أمى بين يديها وقالت
بنيتى .. أؤمنكِ سرا .. فأتمنيه حرصا على حياتك وحياة اخوتك
زادنى الخوف هلعا وجن جنونى وثرت أين هم .. وأنا أبحث هنا وهناك عنهم فرأيتهم يتلاهون أمام الدار فى أمان لو تخلفنا عن أمان الجوع والسقم
وتزيد أمى دهشتى التى رأتها وعيناى تسألها أين هو هذا الخطر عليهما
إذ أخبرتنى
ليس هؤلاء فقط اخوتك
وأكملت حديثها تخبرنى عن سر واحد فقط .... نعم .. هو ذاك النابغة صاحب اليد واللسان الطويلين
أوصتنى بكتم السر أمانة وحفاظا عليه وعلى حياته من القتل
وأخبرتنى أنى سأكون فى حمايته دون أن يدرى , وسأكون العين الراعية له الحانية عليه فى ظلمة العمل الذى يرسمه حياته ومستقبله الباهر المزدهر
يا ويلى .. أرانى تنقشع عنى غمة .. فتتبادل مكانها غيامات من السواد تطفىء ألوان القوس الضئيلة بلوحتى.
من هنا تبدأ حياة أخرى .. تحوى فتاة تبلغ من العمر خمسة عشر ربيعا.

عاندتنى الحياة بكل مقاسيها
لا أعاتب الحياة
ولا أبحث عن السبب لهذه القسوة
لكنى أؤمن أنى فيها أحيا
ونهايتى ليست بيدى
ليتها كانت بيدى
لكنت أنهيتها ببراءتى يوم رأيت الحياة
أؤمن بقدرى وأرضى
لا تتعجب
نعم أنا راضية
لأن لى هدف وغاية ليست فى هذه الحياة
كل ما يحدث لى , حولى , ليس إلا مجرد وسائل , سبل , وأسباب
حقا لم أر هذا الجانب الجميل من الحياة إلا قليلا , لكنه كان كباعث النور يغطى دخان أيامى وعتمة الليال
رق حال أمى لى , رأت فى فتاة تجسدت ملامحها , وتوسمت هيئتها , ودُنّسَت تضاريسها بخوفها , بصمتها , بعدم فهمها , ربما سذاجتها , لكنه حتما جهلها
نظرتْ أمى نظرات طوال , تُحادث عيناها عينىّ فى صمت
كأنها كانت تسألنى كيف حالك
أو كانت ترى مذلتى
ولكنى أشهد أنى رأيت بعينيها حيرة أؤكد لك أنى على يقين من سببها
فما عاد يهمها إلا إلى أين ستأخذنى الحياة
فلا ملاذ لى سوى الدار والكوبرى , أقصد أسفله بالخصوص
لكن أمى لم تكن تعلم أن لى مأوى ثالث أعيش فيه وحدى
ألهو فيه
أنام فيه قيلولتى
أنافس القطط والكلاب فيه على قوت يومهم
أتابع فيه سريان النمل حتى أصل لمصدر فتات الخبز الذى يحملونه
نعم إنها تلك الخرابة أمام دارنا , صديقى إن شئت فقل
زبالة , مخلفات , .. إلخ
إلا أنه كانت تمر على أيام لا أجد مأوى سوى الشارع فأظل واقفة أو أسير حتى يغشى الليل النهار
كنت أضيق بمأواى إذا ضاقت نفسى طول بحثها فلا تجد قضمة الثريد أو قطعة لحم
وما أسعدنى من يوم أجد فيه قلماً يحوى من الحبر ولو بعض المليميترات
كنت أجمع ما أجد من الورق , أفرده من ثناياته , وأطويه ورقةً داخل ورقةٍ , أحتفظ به فى مخدعى بعيدا عن شرر النار والتبغ المحترق المتساقط من السجائر
كنت ألمح الخطوط فى السماء
والطائرات الورق بخيوطها الملفوفة حول أصابع الأطفال
لكنى لم ألتفت ولم آنس سوى بألوان الأغربة ولون السماء أعلى محرقة المصنع العالية
لازلت أحتفظ بوريقاتى , رسوماتى , بالأدق شخابيطى , وخطوطى السوداء
حتى سماء نهار لوحاتى لم أخلّصها من العتمة
ربما تراها للوهلة الأولى فتعلّق .. أرى خطوطا بيضاء تعبر الظلمة كما لو كانت أقواس قوس قزح تنحنى لتنثر روحا جديدة , وربما جميلة فى هذه الحياة

لماذا تنظر إلى وكأنك تنتظر بكائى على الماضى خاصتى
لا يا سيدى , لا تحسبنى سأبكى , ولا تنتظر
فلأتابع ولتنظر إلى وكأنك تسمع بشوق ما تحكيه شهرزاد
ولكن احذر
فلا تعد للنهاية .. أو تسأل متى
لا تشغل بالك
فلا يزال الفجر بعيدا والديكة نائمة
كل يوم كنت أعد الطعام بقدر ما تأتى به أمى من خضار وما تحويه الدار من حبوب وأرز
كما كنت أعد لجلسة الاستئناس خاصة أبى
فأغسل الشيشة والجوزة , وأصفى ماءهما , وأعد الحجر , وأصنف المواد , وأملأ زجاجات الكحول .
وأراه هذا الرجل بنفس النظرة المخيفة المتفضلة يتابع جسدى فى كل حركاته وسكناته
ويوما نظرت إليه أتابعه أنا من بين فواصل الخشب بالباب الذى أقف وراءه المقابل لجلستهم
فوجدته يشير إلى مكانى وينصت إليه أبى فى فرح ونشوة , ثم يطول الحديث وتلهّى بعيدا عنى
ثم وجدته يدفع لأبى , ظننت أن المال بيديه هو أجر مزاجه وليلته
وغاب الجميع عن وعيهم كما يفعلون كل ليل بل وكل يوم أيضا
ونادى أبى علىّ بعلو صوته تعالى وامرحى فهذا سعدك أتاكى
وأشار أبى لمجلسه بينه وبين الرجل الذى كان يلقى بسهام نظراته على جسدى , فذهبت وجلست
وليتنى ما جلست ولا حتى ذهبت , لولا خوفى من يد أبى تبطش بى فتدمينى
جلست لجواره فما وضع عينيه فقط إلا ومد يديه وأبى يضع يديه على قدمى يمنعنى عن القيام , وينظر إلى بشدة يخيفنى من رد فعله إذا قمت أو صرخت
وجدت الجميع فى الجلسة ينظرون بشهوة إلىّ
يتضاحكون ويتغامزون علىّ
يتحدثون فى ملامحى وفى معالم جسدى
أنا الطفلة فى الحادية عشرة لا أفهم ولا أعى شيئ , سوى أن جسدى الوافر وتقاسيمى تمنحنى سن السابعة عشر إذا ما عرفتَ منى مسبقا كم هو سنى
وبين لحظة والثانية
غمز أبى إلى الرجل باتجاه غرفته , فرفعنى الرجل بين يديه وحملنى وأنا ملجمة بنظرة أبى القاسية .
ذاك السكير أعمى القلب قبض مقابل ما دفع وخرج منتشيا فرحا ثم دفع الباقى وذهب
لأجد وأنا فى بكائى وحسرتى رجلا آخر من نفس الباب يدخل مترنحا حاملا بين يديه ورقة من فئة المائة جنيه قائلا دفعت مثلها لأبيك والضعفين , وارتمى بجسده علىّ
صرخ جسدى من الألم ولم يلبى لسانى خوفا من السوط
وما أن ذهب الواحد تلو الآخر دخولا وخروجا علىّ
حتى أخذها أبى مهنته فكان يقف مستمتعا بالتأوهات وهم يأخذون مقابل ما يقبض هو مع دخولهم وخروجهم علىّ
وأنا على هذا الحال يصمت جسدى تحت أجسادهم كتمثال شمع
يذيبه الألم ولا يصدر آها ولا يئن
مرت بى الأيام يوما بعد يوم
وما علمت يوما أنى بلغت
وقفت على عتبة الثالثة عشر
وأنا الأخرى أجد اللذة كلما رفضت أو هددت فيعطينى أبى مالا ويزيد
ويعطونى هم أيضا من ورائه كلما تدللت عليهم
كل منهم كان يأتينى بثياب هى أحلى ما يرانى بها
يتنافسون وأنا أثير تنافسهم فأعرض ما يأتون به على بعضهم البعض وأختار منهم وأشجب الآخر فيعيطنى أكثر أو يبتاع لى الأغلى
وفى يوم حار وأنا وحدى بالبيت أقف أمام وبور يحط أعلاه إناء كبير من الأرز
طرق الباب بقوة وهمس
وسمعت أبى يدخل يتمتم بكلمات لا معنى لها يغنى ويترنح ويقع ويقف
وأنا لا أبالى فهذه عادة , ليس من غريب ولا جديد سوى قدومه من الكباريه من جلسة الراقصات والعاهرات
رآنى أقف وجسدى يلمع وتحدد فى قميص النوم الأحمر وشعرى المتدلى ورائحة البرفان تفوح من جسدى
وما هى إلا أبحث عن سبب صمته فأدير وجهى لأرى الشر بعينيه كما رأيته لأول مرة حملنى صديقه منذ عامين
فحملنى وأوقع بى وإذ بى أدخل فى حالة من فقد الوعى
لا أطيق الكلام ولا الحديث ولا أن أصرفه عن جسدى الواهى
لكنى بالكاد أسمع ما يجرى حولى
ورغم ما أنا فيه فذئبه لم يتركنى
ودخلت أمى لتراه منكبا على وأنا أنزف بالدماء كغارقة فى بحر أحمر مذاقه مر
ووجدتها مَن كرهتها هى من تدفعه عنى وتحملنى صاحبة الجسد الضعيف المتهالك وتجرى بى إلى المستوصف القريب ليخبرها الطبيب أنه كان سقطا لحمل
حمل , وأى حمل , وأنا ما رأيت أثرا لدم قط
عادت أمى للبيت وحدها تخبط أكفها وتلعن السبت يوم أنجبتنى ويوم تزوجت من الوحش
ودخلت عليه بثورتها , فما أغاثها من سطوة سوطه سوى تشقق يديه وألم رسغيه
وهددها بقتلى ودفن فضيحتى معى لو أنها هجرته
لم أكن أعرف سبب كرهك لكننى اليوم عرفت
وعرفت من يلزمنى كرهه ومن يلزمنى تقبيل قدميه

أتذكر جيدا هذا اليوم
كنت فى الحادية عشر
كنت لا أزال طفلة لم أبلغ بعد
مرضت أمى وأمرتنى بأخذ التوأم والخروج للكسب
اعتدت ذلك كل يوم فكنت ماهرة به
أصبح من عاداتى اليومية .. ليس صعبا ولا غريبا .. ولا يسعنى الاعتراض عليه ما دمت أستطيع شراء الحلوى التى أراها بأيدى أقران سنى مما لا يمنحنيها أبى ولا تستطيع أمى أن تلبيه لى
أتنقل بين الرصيف تارة , وتحت الكوبرى , وأعلاه تارة أخرى
أضع يدى فى جيب هذا وأنهب مال ذاك
أطلب من هذا بدعوى مرضى , ومن الآخر بدعوى ضيق حال الطفلين والرفق بنا
أبهرتنى تلك الحقيبة الفضية اللامعة الضخمة فى يد السيدة صاحبة القبعة المنقوشة بالورود وألوان الحياة
لم تُسقط عيناى زاويتها ولا نقطة التقائها
كأن مجال رؤيتى وقف على حجم الحقيبة ولم يفتح مجالا ليرى من يضع ذراعه بيد السيدة
تركت اخوتى وأمرتهم أن يبنتظروا وعدوت خلف السيدة
وسط الزحام وقبل أن اضيعها _ الحقيبة _ كانت بيدى والصراخ فى المكان والكل من خلفى يهرولون
لم أستطع الجرى منهم رغم تعودى الجرى من كل شىء , لم أستطع منعهم منى
لاحقنى بطلها , فجذب شعرى ولفه لفة قوية بيديه ودعا الجميع يشهدون سرقتى أمام الشرطة
فبكيت وتأوهت وصرخت
أمى مريضة ولا عائل لها .. وإخوتى وحدهم لا راعى لهم سواى
اتركونى ... أغيثونى .. آه يا أمى ماذا ستفعلين وحدك
كذبت الحديث وأطلت البكاء
ودمعت دموع التماسيح بغزارة
حتى رقت قلوب البعض وقالوا اتركها تذهب وقد عادت إليك حقيبتك
لكنه رفض فى غلظة وشدة وقال مثل هؤلاء ليس لهم مأوى سوى الكذب
ليس لهم مفر سوى الخداع
وليس لهم قوت سوى السرقة
وإن لم تُقطع أيديهم فسيستمرون ولا مانع لهم سوى لطفكم بدموعهم ورقة قلوبكم لهم
لولا يديها الرحيمة لمست كفه القابضة على شعرى وقالت هوّن عليك
دعها وشأنها , فإنى أرى أخويها يبكون عليها وينتحبون ويرددون أختاه , لا تضربوها
حينها رد بقسوة صوته وحشرجة حنجرته .. سأصرف يدى عنكِ هذه المرة ولكن احذرى فإن وجدتكِ هنا ثانية فلا مفر من الشرطة . وسيأوى أهلك معك ؛ سواء صغيرهم بالإصلاحية أو كبيرهم بالسجن
وما أن فك قبضته عن شعرى المتهالك المجرد من النعومة أو النظافة الملىء بالقمل والتراب , الباعث برائحة الجاز الذى وضعته بعد استحمامى منذ عشرة أيام
أخذت اخوتى وتوجهت للدار فى الخرابة أمام مقلب الزبالة الخاص بالحى
وحكيت لأمى وأنا أبكى
ويسمعنى أبى الذى غضب عندما عدت له باكرة رغم فرحه أول ما لاقانى عندما ظن أنى حصلت على غنيمة كبيرة أو كما يقول دائما لى عرق الجبين وشغلك اللى يحب الخفية والجرى عليه
وعندما وصلت بكلامى لتهديد الرجل المحترم القوى , خاف وزمجر واندثر , وقال أنتى علينا بعد ذلك خطر
فلا عودٌ لكِ لهذا العمل ثانية
ستبقين بالبيت وستقوم أمك بكل العمل خارجا مع اخوتك
تنفست الصعداء وكأنى انتُشلت من بئر غويط كدت أغرق فيه أو من بحر رمال يسحبنى ليغمرنى بالموت.

دعنى أتكلم معك بحرية
فاليوم يمر علىّ بالعلقم .. بأنفاسِ من يحمل أعباءَ أجسادٍ متآكلة مريضة
ولدت فى سماء غبراء سوداء
فلم أر سوى سمائى ؛
هواءَ غرفةٍ خرجت إليها
ذلك الهواء المدسوس بل المتكالب المستَعْمَر بدخان أسود كالقار يجلى صدرى
ورئتى فلتسألنى عنها وليجيبك أطباء الصدر عن عدد الأيام التى أسهر الليل معهم لا يأتينى النوم من الألم والكحة
ولُزُوجة ممخضةً بالدم لا تتركنى
منذ صغرى يا سيدى .. بل منذ ولدت
وكأن أمى كانت تحمل برحمها أطنانا من الدخان , من التبغ , من الحشيش وسهرات البانجو
أكبر كل يوم على نفس المشهد
أمٌ لا تقوى على شىء لضيق صدرها
وأبٌ متكاسل لا يملك سوى
بإحدى يديه العلقم وبالأخرى سوط مسموم بدمانا ملطخ
علقمه فى أنفاس ما كان يتعاطى ويشرب
والعلقم فى أنفاسى مما أقاسى وأتألم
ويضيق الحال بنا , وأنا صغيرةُ الدارِ الأصغرِ من علبة كبريتٍ تحوى من الأطفال سبعاً
وتعولنا أمى ولا تسأل ما بال الرجولة والمسؤولية والنخوة
فلم يجلس ببيتنا ليل نهار سوى الدخان والسم والعلقم
وبالخارج تطيح بى الدنيا وبأمى وتُهلِك اخوتى
صغارا كنا لا نفقه شيئا
كنت لا أفهم سوى ضرب أمى لى فى الشارع بين الناس والمارة
صريخها فى وجهى ودفعها جسدى لأجرى بما أحمل فأبيعه للناس ومنهم أكسب
لذلك كنت أكرهها ولم أدرك يوما سر الضرب وسر الصرخة
ورأيت الناس يكبرون يوما بيوم
وأنا وحدى فى عيونهم أصغر
فما كنت أقف عند البيع فقط والمكسب
بل كنت من خلفهم وبدون أن يعوا لى أمد يدى ومنهم أكسب
ومن أمامهم أمد يدى بسؤال والحاح ليعطونى قرشا وأذهب
دفعنى الكثيرون عنهم وذمنى آخرون ومنهم من مد يده فضربنى ومنهم من شد الثوب عنى ليأخذ منى مقابلا لما أفعل
توعدت لهم وصرخت منهم وزادت صرختى بعد إذ أنجبت أمى التوأم
وليتنى ما كنت صغيرتهم ولا داريت نفسى من أمى ويديها تحت عباءة أبى وسلطانه وعقله البعيد عن الدنيا يديره شيطان أخرس , يدفعنى لأسرق , وأنهب , وأترك جسدى فى أيدى الهالكين ؛ فقط ... من أجل المكسب .

صباحى واحد
صباح عليل
ملىء بالدخان
ملىء بالصخب
ملىء بالسب والقذف والإهانات
كما أنا أعيش ليل نهار مغمورةً فى نفس المكان
أحاول أن أبحث عن ملاذ
فأخرج من نفسى لنفسى
ومن بينهم لبينى
ومن معهم إلى غرفتى
أدير موسيقى صمتى .. ليل نهار
أعبر طرقا وأخاطر بالحواجز
أكسر كل اشارات المرور
وأجول وأصول
أقف وسط الطريق , فى محور الطريق
أصرخ من الآه والألم
ولا أحد يسمع أنينى .. سوى نفسى
أكتب على الحائط
فكتاباتى لا ترى منها كلمة
فما هى إلا شخبطة , خطوطٌ بقوة يدى أنحتها
أقطع أوراقى , مِلْـكـيّـتى
فما من شىء يمكننى أن أمد يدى الهائجة لتبطش به ثورتها
وإن فعلت , فسيكون حقه البطش بى
أقلب أنفاسى و ثوراتى وجولاتى
بين ماض وحاضر ومستقبل لا يميزه شىء سوى حلقات متكررة
ربما
أو حلقات متغيرة لنفس المحتوى
الحزن , الألم , الفقد , التعزية , ....... الخ
أو حوارات بلا جدوى
نقاشات بلا معنى سوى أنها تفضى ثورتى
فأقف أمام القضاء تارة يأخذ حقى
وأقف بمجلس لا فيه أحد سواى تارة أخرى أُسمعهم دفتر أحوالى اليومى
حتى أنّ من بالمجلس جميعهم نفروا منّى
فنفس الأحداث تتوالى تباعا لأيام تكاد تكون هى نفسها يومى من عشرة أعوام
دخان فى دخان
يسكن المكان
يحيط بى
يركمنى
يحولنى إلى رماد يخبىء ثورة , يخبىء طوفان
لا أدرى متى سينذر بالتدمير
أجبنى ... من أنا !!!؟
أخرجنى من وحدتى وأنا بين الناس
أبعدنى عن ثورتى فهى تحرقنى قبل كل الناس
أعدنى للدنيا الوردية , لحياة الحب والتفاهم والصفاء
أعدنى لأسمع أنغام العصافير لا لأجرى من صفيرها كأنه صفارات انذار تجعلنى أختبىء تحت تضاريس نفسى
لا أرى سوى ناس متراكمة بعضهم فوق بعض
يتذمرون يئنون ينتحبون .. ثم ينامون فى جسد واحد
بداخلى أنا


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم إنى أسألك هذا العمل لوجهك الكريم

اللهم أعنى يا كريم

بداية فبعد مرورى ببعض المواضيع التى أعادت نيتى فى فتح باب خاص يشتغل بأمور النفس وهمومها

وقد نويت أن أدعوه ( تحاليلى يا دكتور ) وها أنا أضمه فى وضع مدونة سريعة وخفيفة وربما ثقيلة أحيانا

دائما نعيش لحظات الطفولة ونحن نبلغ من العمر الكثير

لا نرى بعقولنا ولا نحاول أن نأخذ أمور سننا

بل نهرب من الواقع فى خيال الأطفال الذى نحب

بعد مرورى بأكثر من حالة مع نفسى ومع غيرى وحال العالم من حولى

سأكتب هنا باسم الجميع بعض ما نتعرض له بشكل حكايات أو حوارات أو أراء

بأى شكل

فلا فارق إلا أن يصل ما نرغب به أن يصل لعقولنا جميعا

أن نشارك جميعنا فى أمور سننا ... أمور نديرها بعقولنا

فتحية لكم مقدما

ثم سأبدأ

ربما اهتمامى بمدونتى هنا لن تكون على ما يرام إلا بعد أن أنتهى من امتحاناتى

ولكنى سأكتب تباعا بإذن الله

إن كان البحر حياتنا التى اخترنا الإبحارَ فيه, وسكونه فى ليلة شتاء صدرك تدفئنى فيه, وموجاته العاتيات هموما تدافعت تغرقنا فيه.. فإنى أثق بك لأجدنى دوما بأحضانك تبحر بى لشطه الأمين.. أما قلت لى ياقدرى يوما أنك تستطيع السباحة والغوص فيه !!

شِـــق الـقــــمر


تنظر إلى الضوء من بعيد وتسمو بنفسك لتكون مصدر الضوء
ترقى لتنشر شعاعك فينير منهاجا فى ظلمة الليل
تلفت بعينيك فلا تجد إلا قوسا من القمر يبث ضياءه إليك
تعجب تندهش.....!!!!
ما باله لا يكتمل ليصبح ذاك البدر وضاحا ينثر من إشعاعه فيضىء طريقك والكون
وتتساءل وتنكر على الشمس قدرة انعكاس ضوئها لتمنح القمر دائرة الضوء
فيلحق الشق بك ليخبرك إذا ما توازعت نسمات ضوئى على سطح كرتى لتاه إشعاعى فى عتمة الضوء
فلا تنظر لسعةٍ دون وضوح ولكن اتبع ضوئى فستنظر الكون جلىّ
ذاك أنا لست البدر ولكنّى أحمل من التركيز ما يكفينى لينسبنى لصاحب الجمال ورومانسية الشعراء
ينسبنى لعالم السنان بين الكبار
ادعونى كما تدعونى
ولكن لا تنسوا
فضوئى نبراس
ذاك أنا أحمل طوق الضياء
وذاك مسماى
فأنا
شق القمر

متلـصـصــون

إننى على موعد مع الربيع


تنعزل عن العالم كله..تخشى العالم كله..ترغب فى ركن ولا تجده..تثور عليك معدتك..تشعر بألم بها يزيدك اضطرابا..يعلن هيجانه..يعلن صيحته..يغضبك..ينال منك

لا جديد فى بيتك..لا تغيير فيمن حولك..تريد أن تتغير..تريد أن تتقدم .. والكل واقف حولك

لتعود إلى حيث هم..وتقف وحدك..تبكى ولا تدرى هم أم أنت!!؟؟

قلبك الحنون , المجنون , الثائر , الملىء بالصخب والمجون يدور فى دائرة المجهول

ترى هل أحد يدرى ما به من صنوف... وما يدور حوله من دروب ..!!؟

تعاند , تثور , تلين , تغضب , تهجو , تمدح , تنتقد , تتكلم , تصمت ولا تتحدث , وفى النهاية

تتوحّـــد

إلى الشاطىء المقابل

نضحك.. وهل للضحك وظيفة إلا الإخفاء... .. فيا صانعا بسمتى (قلبى) حان لك أن تغلق الأدراج.. أن تسدل ستائر غرفة الماضى السوداء.. أن تخرج من غابات ليلك.. من صرخات مخاوفك.. أن تصم آذانك عن دوىّ موسيقاك المزعجة, قعقعات الأبواق, صرير صانعى السيمفونيات, دبيب أقدامهم, وعويل المطارق..



حان لك أن تبعث شمس الحاضر الدافئة من خلف الغيميات.. عد إلى مرسمك, أطلق لإبداعك العنان, وانثر الأخضر والأحمر وأطياف الروح.. بعثرها فى كل مكان, وانشر رياحين الجنان الغناء, وتنسم عبير مستقبلك النقى قادما إليك من نوافذ سماواتك الشفافة بطهرة المحيطات الزرقاء.. حرك برياحك سحبا فى كل مكان وامطر الأرض كسفا تسقى الميتة حبا وخيرا وجمال..




أحبــك


ءأمتعك التلصص!!؟